الجمعة، 28 مارس 2008

إنه العصيان يا سادة ...بقلم أحمد سعد دومة

عندما قال غاندي:ليست البنادق البريطانية مسئولة وحدها عن عبوديتنا بقدر ما هو مسؤول تعاوُننا الإرادي مع هذه البنادق، لم يكن مخطئاً بأي حال من الأحوال ، وإن كان الوضع يختلف قليلاً ،لكن "ليست العصا الأمنية وحدها سبباً في تأخرنا واستعبادنا، بل إنها هذه الأيدي المتعاونة مع العصا الأمنية ، والنظام الذي يستخدمها ". فرضانا بهذه العصا ، وهذه الأنظمة المستبدة سبب رئيسي في ما نحن فيه ، فلورفضنا هذا ، وأعلن كل منا العصيان ، ورفع رايته ، لفكر كل ظالم ألف مرة قبل أن يقدم على أي خطوة يستعبدنا بها ، أو يجعل منا أذلاء . فليتحرك الشعب كله ، نخب ، وعامة ،
مثقفين وجهَّال ، فلاحين وعمال ....كل في موقعه ، يعلنوا العصيان ، في الشوارع والمدارس ، والمقاهي ، والجامعات ، في الموصلات ، ...في كل شيء وكل مكان .
لا بد أن يرى هذا التحرك النور ، حتى يكتب لهذا الشعب أن يتحرر من قيوده تلك ، ويكسر تلك العواقب التي تقف أمامه ونموه بهذا الشكل العبثي المستبد ولأن العصيان المدني هذا حقاً إنسانياً طبيعياً ، فتخليه عنه يعني -بالطبع- تخليه عن كونه إنساناً، وإن كان هذا التحرك سيبدأ في بدايته بشكل فردي ، فإنه بذلك سيكون تحركاً لائقاً راقياً ، ليس له بديل ، فكل إنسان في مكانه لا بد له أن يتحرك بهذه الطريقة ، حتى تتكون البذرة للعصيان الجماعي الذي سيشكل تغييراً جذرياً في الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أي مجتمع .
يكفي بهذه الحركات أن تشارك في تعبئة العامة وشحنهم ضد الأنظمة المستبدة ، لتكون خطوة أولى في رفض هذه الأنظمة،أو هذه الأوضاع ،لتتحول بعد ذلك لأداة لتغييرها ،وإعلان العصيان عليها، فلا يستهين أحد بدوره وإن كان صغيراً ، فالأمر جل عظيم ، يكفي أن يتشعر الواحد منا أنه بهذ التحرك يشارك في رسم مستقبل هذا البلد ، والإطاحة بكل ما هو فاسد ، ومستبد ، وظالم .
هذا التحرك ، وإن كان في ظاهره غير قانوني ، فالحق أنه قانوني لأبعد درجة ممكنة ، فرافع راية العصيان ، يفعل شيء من حقه ، ويعاقبه القانون فيكون بذلك مثالاً ... لا سيما وهو لا يتهرب من هذا العقاب-على الرغم من أنه يرفضه- لكنه لا يهرب منه ،إنما يقاومه بطريقة سلمية لا تؤذي أحداً ،بل على العكس تساهم في عودة الحقوق إلى أصحابها ، وكذلك تقع على الظالمين وقع الصاعقة .
فهو كما قال غاندي "تأكيد على حق يجب أن يعطيه القانون لكنه يرفض إعطاءه".... ولهذا فلا بد لنا أن نطالب بهذه الحقوق
فليتوقف الجميع عن الذهاب إلى عمله ، ولتغلقوا محالكم ، ولمتنعوا ع الذهاب للجامعات والمدارس والمصانع ، لم يعد الأمر يحتمل المزيد من الخوف من بطش النظام، فقد بلغ الأمر مداه ...وزيادة.
فلنخرج جميعاً للمطالبة بحقوقنا في الشوارع ، وإن ألقي القبض علينا ، فليجدوا منا ابتسامة على الشفاة وتفاهماً ،أو صمتاً فهو أبلغ بكثير من أي حديث .
لن نقاومهم ، لن نتشاجر معهم ..... سنطالب بحقوقنا ، كلُ يضع في نفسه الاعتقاد بأنه هو المسؤل عن تغيير هذا الوضع ، يحمل على عاتقه مهمة التغيير والإصلاح ، باللا عنف.
قد يظن البعض أن ما أتحدث عنه من إعلان للعصيان لمدني ضرباً من ضروب الخيال ، ولكن الأمر ببساطه أراه أسمى معاني العقلانية والمنظقية ، فالأنظمة العربية التي لا تستطيع التعامل إلا بالعنف والعصا ، لن يشلها إلا الحركة السلمية عن طريق العصيان فهذه الأنظمة لا تدرك عن طرق التعامل مع الحركة السلمية المنظمة شيء ،هم لا يفهمون سوى في لغة العصا، والكردونات، والحشودات الأمنية .
والناظر إلى التاريخ ، سيجد أن الحركات التي استخدمت العنف في التغيير ، تحولت إلى حركات متطرفة استخدمت العنف منهجاً لها إلى النهاية ، حتى مع من ساندهم، ولهذا نؤمن بأن التحرك السلمي هو الحل الأمثل في تغيير الواقع المحيط بنا .
ولنقولها جميعاً....إنه العصيان يا سادة .
--------------------------------------------
*عضو رابطة أدباء الشام
*عضو اللجنة المصرية لفك الحصار عن غزة


ليست هناك تعليقات: