الاثنين، 31 مارس 2008

رسالة من الدكتور يحيي القزاز

لقد سرق نظام مبارك الحاكم مستقبلكم، باع القطاع العام، وباع الأرض لينفق منها على البنية التحتية للدولة، ونسي دوره في تنمية موارد الدولة وتحول إلى تاجر أراضي، وتاجر أعراض، وإعتمد "نظرية التجريف" خطة إستراتيجية له: تجريف الثروة وإفقار الشعب، وتجريف التعليم والتوسع في التعليم الخاص لتجهيل بسطاء الشعب، وتجريف الصحة، وإنتشار الأمراض، وإنعدام القدرة على الإنتاج وعلى حمل السلاح ومقاومة العدو. تجريف ثلاثي الأبعاد، كل بعد منهم كفيل بإنهيار دولة ومحاكمة نظامها الحاكم، فما بالكم بإكتمال المنظومة وإنهيار الأبعاد الثلاثة! لم يتبق شيئا لنا يا أهلي الفقراء والمعدمين. هل تصدقونني لو قلت لكم أن السبب الذي دعاني لمخاطبتكم هو ما أراه في مستقبل أبنائي الطلاب والمتخرجين بلا أمل ولا عمل. هذا حالنا جميعا بإستثناء بضع مئات من اللصوص الحاكمين الذين يتمتعون بالثروة والسلطة.ولنسأل أنفسنا ماذا أخذ (سلب) منا النظام الحاكم؟ سلب منا الثروة والصحة والتعليم، وماذا منحنا؟ منحنا الفقر والجهل والمرض والذل وكسر النفس، إذن.. كيف نعيش؟ وهل للحياة قيمة بدون القدرة على تحقيق ولو أمل يسير؟! نظام باع الأرض للصهاينة والمتصهينين وللأميرات السعوديات، وللأسف يشترونها بأثمان زهيدة، ويبيعونها بأسعار خيالية! تتخرج يا ولدي بعد أن تذوق الأمرين في دفع المصروفات وشراء الكتب والمذكرات، ولا تجد لك فرصة عمل ولا شقة ولا مهر للزواج، وأولاد اللصوص يحتلون الوظائف الهامة من ذوات المرتبات الضخمة، هل تعلم أيها الطالب البسيط أنه محرم عليك الإلتحاق بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية بعد التخرج، وهل تعلم أن زميلاً لك إسمه "عبدالحميد شتا" كان متميزاً وحاصلاً على بكالوريوس الإقتصاد والعلوم السياسية، وتقدم للإلتحاق بوزارة الخارجية وإجتاز الإمتحان، وإستبعدوه بالرغم من إجتيازه الإمتحان بجدارة، هل تعرف لماذا؟ لأنه فقير إبن فقير، حدث هذا منذ خمس سنوات ولم يكن المجتمع قد تحلل مثل الآن، وكتبوا في أسباب رفضه وعلى الملأ "لأنه غير لائق اجتماعياً" هل رأيتم فجراً أكثر من هذا يا أبنائي الطلاب من قبل القائمين على أمور الدولة. وهل تعلمون أنه محرم على الطلاب الفقراء الإلتحاق بكلية الشرطة، ويجب على المتقدم أن يقدم إثباتاً موثقاً بممتلكاته وعقاراته وأطيانه، وكأن المطلوب أن ينفق الضابط على وظيفته من ممتلكاته أو كأنها وظيفة شرفية، وكذلك الحال عند الإلتحاق بالنيابة.. محرم على الفقراء. لقد حدثت إستثناءات إبان ثورة يوليو 1952 وإلتحق البسطاء أبناء الفقراء بكلية الشرطة وبالنيابة العامة ووزارة الخارجية، واليوم عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل 1952، والمشكلة أن طبقة جديدة ظهرت غير طبقة ما قبل الثورة (مع بعض التحفظات) طبقة لصوص حقيرة لم تراع في الشعب إلاً ولا ذمة. هل هذا وضع وهل هذه عيشة يا أحبائي؟ إذا كنا نحن أساتذة الجامعات تعجز أجورنا عن الوفاء بمتطلبات الأكل والشرب فما حال باقي الشعب المنهك الذي يترواح دخله بين 100 جنيه وأعلى مرتبة وظيفية 500 جنيه؟ (بالحلال طبعاً من غير سرقة.. وأزعم أن غالبية أبناء هذا الوطن شرفاء).إن ما نعانيه اليوم من ذل وفقر وجهل ومرض يتطلب حمل السلاح والسيوف وقتل ناهبي الثروة ومحتكري السلطة، لأنهم سرقوا مستقبلكم وقتلوا شبابكم، وأنا لا أطالبكم بحمل السلاح، أطالبكم بالبقاء في منازلكم يوماً واحداً يوم 6 أبريل 2008 إحتجاجاً على الظلم والقهر، يوم يسمونه إضراب، ونحن نسميه رسالة إحتجاج بالتوقف عن الذهاب للجامعة. وتأكدوا أن أساتذتكم في الجامعة سيشرحون لكم ما فاتكم في هذا اليوم من دروس، وأعتقد أن كثيراً منهم سيتوقف عن العمل تضامناً مع عمال غزل المحلة في يوم إضرابهم، وحرصاً على مستقبلكم، ليكون لكم، إنه يوم إضراب عام يجب وأن يعم كل أنحاء مصر، ليعرف النظام الخائن أن هناك شباباً رجالاً قادرون على إتخاذ المواقف الصحيحة في الوقت المناسب، وأن عجلة التغيير دارت ولا يمكن أن ترجع للوراء، وسنحاكم الظلمة الخونة ناهبي الثروة ومغتصبي السلطة ونعدمهم في ميدان عام. إنهم يعدموننا في كل يوم بالتقسيط، ونحن سنحاكمهم ونعدمهم بالجملة في يوم واحد.بإختصار ليس لدينا ولا لديكم ما نخسره وما تخسرونه أكثر من إستنزاف طاقاتنا وضياع أعمارنا وسرقة مستقبلكم، ألا يستحق ضياع عمر الشباب يوماً واحداً نجلس من أجله في البيوت؟! إنها رسالة إحتجاج راقية، عل النظام يفهم مغزاها، فيغرب عن وجهنا بدون إراقة دماء، يُريح ويستريح.لا أطالبكم إلا بعدم الذهاب إلى الجامعة في هذا اليوم إحتجاجاً على تصرفات النظام الحاكم، وتضامنا مع أنفسنا لرفع الظلم عنا. وإنني على ثقة من أن طلاب الجامعة الأمريكية إذا قرأوا الرسالة سيفهموا مغزاها وسيتوقفون عن الذهاب للجامعة تضامناً مع زملائهم في الجامعات الحكومية، ولقد فعلوها وتظاهروا إبان الحرب على العراق، سعة الأفق وقوة الإدراك لا علاقة لها بفروق إجتماعية.إضراب تضامنا مع عمال المحلة ودفاعاً عن أنفسنا، وتذكروا ما فعلته لجنة العمال والطلبة في عام 1946 هل يكرر الحدث نفسه؟ أنا مؤمن بتكرار التاريخ لنفسه ولكن بطريقة تتناسب مع عصر الحدث. توقف الطلاب عن الذهاب للجامعة، ما أيسرها مهمة، وما أصعبها رسالة للنظام.إضراب يعم مصر ويقره الجميع بزعامة العمال والطلبة، ما أروعه يوم.د. يحيـى القـزاز30/3/2008

ليست هناك تعليقات: